
اتجاهات تعهيد الموارد البشرية عالميًا في عام 2026: ما الذي يجب على القادة معرفته
مع اقترابنا من عام 2026، لم تعد المحادثات حول اتجاهات الموارد البشرية عالميا، بما في ذلك اتجاهات تعهيد الموارد البشرية، تعد جزءا ثانويا من دور الموارد البشرية، بل اصبحت ذات تاثير استراتيجي مباشر علي الاعمال والموظفين.
كما يترك الذكاء الاصطناعي (AI) بصمته بشكل كبير علي هذا القطاع، سواء من خلال ادوات الموارد البشرية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، او من خلال تبسيط العمليات، او عبر السعي لايجاد التوازن بين الذكاء الاصطناعي والعنصر البشري في مجال الموارد البشرية.
ومع تزايد اعتماد الشركات علي فرق عمل موزعة جغرافيا، لم يعد بامكان القادة النظر الي اكتساب المواهب او الامتثال القانوني من منظور تقليدي او منعزل. هناك تركيز متزايد علي تقليل المخاطر وتسريع وتيرة التوظيف مع الحفاظ في الوقت نفسه علي الجودة.
الي جانب ذلك، نشهد تغييرات واضحة في اتجاهات تعهيد الموارد البشرية. لم يعد الموضوع محصورا في تعهيد الرواتب او العمليات فقط، بل اصبح التنفيذيون في المناصب العليا يبحثون عن شركاء يعملون كامتداد حقيقي للشركة، مع ضمان وجود بنية قانونية قوية.
تابع القراءة لتكتشف ابرز اتجاهات الموارد البشرية عالميا، بما في ذلك اتجاهات تعهيد الموارد البشرية، التي ستشكل ملامح عام 2026 وما بعده.
ما هي ابرز اتجاهات الموارد البشرية عالميا لعام 2026؟
1) تحقيق التوازن بين الذكاء الاصطناعي والعامل البشري في الموارد البشرية
مع توسع دور الذكاء الاصطناعي في معظم الصناعات، لم يعد قطاع الموارد البشرية—الذي يغلب عليه الطابع الانساني—استثناء.
فقد اظهرت الابحاث ان اكثر من 30% من متخصصي الموارد البشرية “يعتبرون ان اقسام الموارد البشرية المدارة بالكامل بالذكاء الاصطناعي خطوة نحو التطور”.
ولكن كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي فعليا علي مجال الموارد البشرية؟
يستخدم متخصصو الموارد البشرية—او علي الاقل يستكشفون—الذكاء الاصطناعي في معظم الوظائف الخاصة بهم، بدءا من صياغة اوصاف الوظائف، ووصولا الي البحث عن المرشحين، والتواصل معهم، وحتي انظمة المطابقة التلقائية بين الوظائف والمرشحين.
وعلي الرغم من وجود بعض التحديات المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في التوظيف، وخاصة ما يتعلق بالتحيزات او معايير التصفية في انظمة تتبع المتقدمين (ATS)، الا ان فرق الموارد البشرية تعمل علي ايجاد طرق لتحسين عمليات التوظيف وتعزيز الاستفادة من الذكاء الاصطناعي.
وكشفت دراسة ل Software Finder ان “2 من كل 5 متخصصي الموارد البشرية يستخدمون الذكاء الاصطناعي لاغراض الموارد البشرية”، مع تصدر قطاعات تكنولوجيا المعلومات والمالية والبحث والرعاية الصحية والاستشارات لهذا التوجه.
وبحلول عام 2026، سيعتمد عدد اكبر من فرق الموارد البشرية علي الذكاء الاصطناعي لقياس تحليلات التوظيف وتحسين مؤشرات الاداء الرئيسية مثل مدة شغل الوظيفة و وقت التوظيف.
2) تدريب الموظفين علي استخدام الذكاء الاصطناعي
من بين اتجاهات الموارد البشرية لعام 2026 سد الفجوة بين توقعات الادارة التنفيذية العليا (C-suite) والواقع الفعلي للقوي العاملة فيما يتعلق بتبني الذكاء الاصطناعي.
فعلي الرغم من ان 77% من الرؤساء التنفيذيين “يعتقدون ان الذكاء الاصطناعي يمهد لحقبة جديدة في عالم الاعمال” وفقا لبحوث Gartner، الا انهم يشعرون بان “خبراء التكنولوجيا في مؤسساتهم يفتقرون الي المعرفة والقدرات اللازمة” لتحقيق نتائج ملموسة للاعمال.
وفي الوقت نفسه، ما يزال تبني الذكاء الاصطناعي غير متوازن. فقد اظهر بحث اجرته Unily ان 32% من الموظفين “لم يستخدموا اي اداة تعتمد علي الذكاء الاصطناعي في العمل من قبل”.
كما يشعر الموظفون بالقلق حيال استخدام الذكاء الاصطناعي، اذ يخشي ما يورب من 40% منهم تاثيره طويل المدي علي استقرار وظائفهم. هذا القلق يجعل تبني الذكاء الاصطناعي اكثر صعوبة بين اعضاء الفريق.
لذا يحتاج مسؤولو الموارد البشرية والادارة التنفيذية العليا الي معالجة هذا الاختلاف واعطاء الاولوية لتدريب الموظفين علي الذكاء الاصطناعي. ولا يقتصر الامر علي الدورات التقنية الالزامية فحسب، بل يشمل تعزيز حوار مفتوح، وبناء الثقة في التعاون بين الانسان والالة، وتوفير مسارات تعلم مخصصة حسب احتياجات كل موظف.
ويجب تطبيق هذا النهج علي جميع اقسام الشركة، بدءا من التسويق والمبيعات وصولا الي ادارة الموارد البشرية.
3) تعزيز الاحتفاظ بالموظفين عبر تحسين تجربة الموظف والرفاهية والثقافة المؤسسية
يتعلق احد الاتجاهات العالمية في الموارد البشرية بتجربة الموظف (EX) والرفاهية والثقافة المؤسسية، وتاثير هذه العناصر علي الامن الوظيفي، والاداء، والاحتفاظ بالموظفين. فهذه العوامل هي ما يربط الفرق المتنوعة والموزعة حول العالم.
ويتطلب هذا الاتجاه الانتقال من تقديم مزايا تقليدية الي بناء ثقافة مؤسسية تركز علي الرفاهية، ووضع استراتيجيات تعويضات ومزايا تقلل من الاحتراق الوظيفي (burnout) والانسحاب الصامت (quiet quitting).
ويعمل القادة اليوم علي تحقيق توازن بين تجربة الموظف والثقافة المؤسسية المدروسة لمواجهة انخفاض التفاعل الوظيفي. فمن خلال ربط القيم الاساسية بالاداء اليومي، والتقدير، والتطوير المهني، يمكن للشركات تحسين انتاجية الفرق وتعزيز التفاعل علي مستوي المؤسسة كلها.
وفي نهاية المطاف، لن تعتبر تجربة الموظف والثقافة المؤسسية تكلفة اضافية، بل استثمارا استراتيجيا يعزز الامن الوظيفي، والرفاهية، وربحية الاعمال.
ومن المهم ايضا ان يساعد شركاء التعهيد الخارجي (outsourcing partners) الشركات في تعريف وتنفيذ وقياس هذه الثقافة بشكل موحد عالميا، لضمان دمج القيم بسلاسة عبر جميع المواقع.
للمزيد: ما الذي يسبب الاحتراق الوظيفي للموظفين؟ 10 علامات يجب الانتباه لها وكيفية التغلب عليها [نصائح خبراء]
4) التداخل المتزايد بين الموارد البشرية وتقنية المعلومات
تشهد وظائف الموارد البشرية وتقنية المعلومات تقاربا متزايدا، حيث يتوقع 64% من قادة تقنية المعلومات اندماجا كاملا بين الوظيفتين خلال السنوات الخمس المقبلة.
ولتحقيق هذا المستقبل، يجب ان تتوحد الاهداف بين الوظيفتين، مع وجود حوكمة منسقة واعتماد منصات متكاملة.
وفي عام 2026، ومع توسع الذكاء الاصطناعي القائم علي الوكلاء (Agentic AI) عبر القوي العاملة، ستعتمد فرق الموارد البشرية بصورة اكبر علي اقسام تقنية المعلومات للحصول علي الدعم الفني، بينما ستعتمد اقسام تقنية المعلومات علي الموارد البشرية لقيادة عمليات التبني وادارة التاثير البشري لهذا التحول.
للمزيد: اكثر من 12 احصائية حول تعهيد خدمات تكنولوجيا المعلومات لصناع القرار في الاعمال
5) المنظمة القائمة علي المهارات والبيانات
احد الاتجاهات العالمية المهمة في الموارد البشرية لعام 2026 هو التحول المتزايد نحو نهج قائم علي المهارات اولا (Skills-First).
ويمثل هذا الاتجاه تحولا بعيدا عن الاعتماد علي المسميات الوظيفية الصارمة والمؤهلات التقليدية، والتركيز بدلا من ذلك علي المهارات الفعلية عند التوظيف او عند اتاحة فرص التنقل الوظيفي الداخلي.
ويعتمد هذا التحول علي استخدام تحليلات الموارد البشرية (People Analytics) للتنبؤ بفجوات المهارات المستقبلية وقياس العائد الاستراتيجي علي الاستثمار في الموارد البشرية بدقة اكبر.
يسهم هذا النهج في تحسين تخطيط القوي العاملة، وتعزيز مرونة الاعمال، وتمكين المؤسسات من مواكبة متطلبات السوق المتغيرة.
6) زيادة التدقيق الحكومي في استخدام الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية
مع ازدياد تعقيد الاطر التنظيمية، تواجه الحكومات في الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة ودول اخري تحديات متصاعدة لفهم تاثير الذكاء الاصطناعي علي بيئة العمل.
وقد ادي ذلك الي ظهور متطلبات جديدة امام الشركات الراغبة في دمج الذكاء الاصطناعي في عملياتها. ويتمثل التحدي الاساسي في ايجاد التوازن بين تبني الذكاء الاصطناعي والحفاظ علي الاشراف البشري وادارة المخاطر بصرامة.
وكما اشارت هيلينا الميدا، نائبة الرئيس والمستشارة القانونية في شركة ADP، فان وجود العنصر البشري هو “امر ضروري، مهما كانت الادوات التي يستخدمها اصحاب العمل”.
ويعد هذا النهج القائم علي الانسان عنصرا حاسما لتقليل المخاطر القانونية المتنامية المرتبطة بادوات التوظيف المؤتمتة.
ما هي ابرز اتجاهات تعهيد الموارد البشرية لعام 2026؟
من المتوقع ان يصل حجم سوق خدمات التعهيد العالمية الي 1.09 تريليون دولار في عام 2025، وان ينمو ليصل الي 1.48 تريليون دولار بحلول 2030، بمعدل نمو سنوي مركب (CAGR) يبلغ 6.4% بين 2025 و2030. يشمل هذا الرقم تعهيد الموارد البشرية، وتعهيد العمليات التجارية (BPO)، وتعهيد خدمات تكنولوجيا المعلومات.
اما سوق تعهيد الموارد البشرية وحده، فيتوقع ان يصل الي 65.3 مليار دولار بحلول عام 2030، مقارنة ب 44.3 مليار دولار في عام 2023.
يعد قطاع الموارد البشرية من الاسواق التي تشهد نموا وتحولا سريعا. وتشير الاحصاءات الي ان نحو 80% من الشركات تعتمد علي تعهيد الموارد البشرية بهدف الحصول علي خبرة متخصصة، وتقليل التكاليف، وضمان الامتثال لقوانين العمل.
1) التحول من التعهيد التشغيلي الي التعهيد التحويلي
لم يعد تعهيد الموارد البشرية مقتصرا علي تعهيد الرواتب او ادارة المزايا — اي التعهيد التشغيلي.
فاحد ابرز الاتجاهات العالمية في تعهيد الموارد البشرية علي مدي السنوات الماضية هو تحوله الي وظيفة تحولية، تركز علي اعمال عالية القيمة مثل تخطيط القوي العاملة واستقطاب المواهب.
وبالنسبة لقادة الاعمال، لم يعد التعهيد مجرد وسيلة لتقليل التكاليف، بل اصبح وسيلة للحصول علي خبرات عالمية متخصصة — قانونية وتنظيمية وتقنية — لا يمكن توفيرها داخليا بسهولة او بتكلفة معقولة، مما يعزز سرعة العمل والمرونة التشغيلية.
وتدعم البيانات هذا التحول. فقد اظهر تقرير Deloitte Global Outsourcing Survey 2024 ان الوصول الي المواهب المتخصصة كان السبب الاول وراء تعهيد الموارد البشرية بنسبة 42%، متقدما علي خفض التكاليف بنسبة 34%.
2) التوسع المحلي والعالمي عبر نماذج PEO/EOR
تلجا الشركات حول العالم بشكل متزايد الي نماذج صاحب السجل القانوني (EOR) ومنظمات اصحاب العمل المحتوفين (PEO) بهدف التوسع السريع وتعزيز الامتثال، خصوصا مع تزايد التوظيف الدولي.
وتظهر الابحاث ان 41% من الشركات تستخدم خدمات EOR، بينما 49% تخطط لبدء استخدامها.
وبحسب البيانات، يستخدم 65% من الشركات مقدمي خدمات EOR لضمان الامتثال وتقليل المخاطر، بينما يعتمد 63% عليها لتقليل التكاليف بدلا من انشاء كيان قانوني محلي.
يشير هذا الي ان نماذج EOR وPEO اصبحت الطريقة الاسرع والاقل مخاطرة للشركات لدخول اسواق جديدة والتوظيف دوليا دون مواجهة التكاليف او التعقيدات المرتبطة بتاسيس شركات محلية.
وبفضل قدرتهما علي ادارة الرواتب متعددة الدول، والضرائب، والامتثال لقوانين العمل المحلية، يتوقع ان يستمر هذا الاتجاه بقوة خلال عام 2026 وما بعده.
للمزيد: EOR مقابل PEO: ما الفرق بينهما؟ وايهما تحتاجه شركتك؟
3) الامتثال، شفافية الاجور، والحكومة التنظيمية
مع ازدياد تعقيد قوانين العمل العالمية والاقليمية، اصبحت الامتثال وشفافية الاجور من اهم الاتجاهات العالمية في الموارد البشرية لعام 2026.
فالمتطلبات التنظيمية لم تعد محصورة داخل الحدود الوطنية، بل باتت تتطلب حوكمة مركزية عالية وادارة دقيقة للامتثال. ولم يعد الهدف مجرد تقليل المخاطر.
بل يجب علي اصحاب العمل — وبالتالي فرق الموارد البشرية — النظر الي الامتثال، وخاصة ما يتعلق بعدالة الاجور وشفافيتها، باعتباره وسيلة لبناء الثقة مع الموظفين والجهات التنظيمية علي حد سواء.
4) امن البيانات، الامتثال، وادارة مخاطر الموردين
احد اهم فوائد الاعتماد علي مزودي حلول تعهيد الموارد البشرية هو القدرة علي تقليل المخاطر. ويشمل ذلك اجراء العناية الواجبة (Due Diligence) عند اختيار اي نوع من مزودي خدمات التعهيد.
ويتضمن ذلك التركيز علي بنية الامن السيبراني لدي المورد، وسياسات اقامة البيانات (Data Residency)، واليات الابلاغ عن الاختراقات الامنية، بهدف حماية المعلومات الحساسة للموظفين.
5) التكنولوجيا والحوسبة السحابية وتكامل الذكاء الاصطناعي
احد ابرز الاتجاهات العولمية في تعهيد الموارد البشرية هو تحول مزودي خدمات التعهيد الي شركاء تقنيين حقيقيين.
فمن خلال توفير احدث تقنيات الموارد البشرية الي جانب الخبرة المهنية، اصبح مزودو التعهيد — مثو شركة Tawzef — عنصرا اساسيا في تسريع التحول الرقمي داخل المؤسسات.
ولا يقتصر دورهم علي سد فجوات المهارات فحسب، بل يشمل ايضا توفير تقنيات متقدمة مثل ادوات الخدمة الذاتية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ومنصات الحوسبة السحابية المتكاملة، وهي حلول غالبا ما تواجه فرق الموارد البشرية الداخلية صعوبة في تنفيذها بمفردها.
يساعد هذا النهج الشركات علي ضمان ان تكون وظيفة الموارد البشرية لديها متوافقة مع احتياجات السوق، وقادرة رقميا، ومهياة للاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي الناشئة، دون الحاجة الي استثمارات راسمالية ضخمة او توظيف خبرات تقنية متخصصة.
6) زيادة الطلب علي حلول تعهيد مخصصة ومدفوعة بالتحليلات
اتجاه اخر، محليا وعالميا، لاحظه فريق Tawzef هو التحول من حلول التعهيد الموحدة الي حلول مخصصة ومصممة وفق احتياجات المؤسسة.
فالشركات اليوم تطالب بنماذج خدمة قابلة للتوسع ومدعومة بالتحليلات. وتتوقع من شركاء تعهيد الموارد البشرية تقديم مقارنات اداء دقيقة (Benchmarking) ورؤي تنبؤية حول تفاعل الموظفين، ومعدلات الاحتفاظ، وفجوات المواهب.
الخلاصة
يشهد مجال الموارد البشرية تحولا محوريا قائما علي البيانات. ويحدد الطريق الي المستقبل عبر تبني نهج قائم علي المهارات اولا، والانفتاح علي الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.
ومع تنقل المؤسسات بين متطلبات عالمية معقدة تتعلق بشفافية الاجور والامتثال والحوكمة، تغير الدور التقليدي لتعهيد الموارد البشرية بشكل جذري.
فشركاء التعهيد لم يعودوا مجرد دعم اداري، بل اصبحوا حلفاء اساسيين في التحول الرقمي، والنمو، وتطوير الاعمال.
انهم يوفرون الخبرة والمنصات التقنية والنطاق التشغيلي — عبر نماذج EOR وPEO — اللازمة لادارة التوسع العالمي، وتقليل المخاطر، واتخاذ القرارات الاستراتيجية.
وفي نهاية المطاف، سيكون القائد الناجح في مجال الموارد البشرية عام 2026 هو من يستفيد من هذه الشراكات لبناء مؤسسة مرنة، ومتوافقة تنظيميا، ومتمحورة حول الانسان.